في بداية الثورة السورية، ناشد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله تنظيم القاعدة لكي يتنبه للفخّ الذي نُصب له في سوريا، وقال: "انتبهوا، يريدون إستدراجكم إلى سوريا للقضاء عليكم هناك". وكان الهدف من هذا التنبيه حينها، هو الحدّ من قدوم المسلحين الأجانب إلى سوريا للقتال ضد النظام.
يقول الكاتب: "يبدو أنّ الفخ الذي نُصب للقاعدة في سوريا والذي إكتشفه ونبّه منه السيد نصرالله من اليوم الأوّل، يكون بحسب هذا المنطق نفسه، قد نُصب أيضاً لحزب الله ولنفس الأهداف، أي إستدراج حزب الله إلى سوريا والقضاء عليه هناك، وكما تلقى تنظيم القاعدة تنبيهاً من السيد نصرالله ولم يأخذ له، تلقى حزب الله عشرات التنبيهات من خطورة التورط في الحرب السورية، ولم يأخذ بها، وذهب الحزب إلى هذا الفخّ بقدميه، ولم ينتبه السيد نصرالله حتى الآن لخطورة وقوع حزبه في هذا الفحّ الكبير، وتداعيات ذلك على حزبه وعلى شعبه ووطنه، والأخطر من الوقوع في الفخّ، هو المكابرة والإصرار على الإستمرار في القتال إلى جانب النظام السوري ووضع حزب الله نفسه في مواجهة الشعب السوري الذي خرج كغيره من الشعوب العربية من أجل التغيير والعيش بحرية وكرامة".
يتابع الكاتب وهبة: "بما أنّ مرحلة التفاوض بين النظام والمعارضة قد بدأت، بعد خمس سنوات من الحرب الطاحنة، هذا يعني بأنّ النظام والمعارضة أقروا ضمنياً بأنه لا إمكانية للنصر الحاسم في سوريا، وأن التسوية السياسية آتية لا محالة، وبالتالي، يصبح المتوفر لمقاتلي حزب الله في سوريا ، هو الموت فقط في سبيل تحسين موقع النظام التفاوضي وليس العودة براية النصر الحاسم، وهذا أمر سيكون مرفوضاً من قواعد الحزب بشكل حاسم في القادم من الأيام، كما هو مرفوض من أكثرية الشعب اللبناني، لذلك، لن يكون خروج حزب الله من الحرب السورية كدخوله فيها.
اليوم أيقن حزب الله أن لدخوله في الحرب السورية أثمانها باهظة لن يستطيع تحملها لوقت طويل، وهو أصلاً لا يملك قرار الخروج من سوريا، لأن هذا القرار الإستراتيجي موجود في طهران، وما على حزب الله سوى التنفيذ، وكل ما يقال عكس ذلك هو مجافٍ للحقيقة.
استمرار حزب الله في الحرب السورية سيضعفه ويفقده المزيد من إمكانياته وقدراته والكثير من قياداته وعناصره الذين عجز العدو الإسرائيلي عن النيل منهم في لبنان، لكن مشاركة حزب الله في الحرب السورية نالت من الكثير منهم، والعدو الإسرائيلي يشارك في القتل حيناً، ويتفرّج أحياناً، ويحصي أسماء وأعداد من سقط ومن بقي، وهو يتمنى بقاء حزب الله في سوريا حتى آخر عنصر.
بكلّ الحالات، فإنّ بقاء حزب الله في سوريا هو بمثابة إنتحار عسكري وسياسي، لأنه لا أفق لنهاية هذا النفق، أقلّه عسكرياً، وإنسحابه من سوريا اليوم، سيكون بنظر جمهور الحزب المعبأ بمثابة هزيمة معنوية فعلاً، أما قولاً، فإنّ السيد حسن نصرالله يملك القدرة على إقناع جمهوره بأن هذا الإنسحاب هو إنتصار إلهي، والجمهور بدوره سيصدّق ويصفق كما جرت العادة، فإذا إنسحب، يكون حزب الله قدّ وفّر على نفسه وعلى شعبه وبلده المزيد من الخسائر، وإذا بقي هناك، فالمصيبة أعظم.
قد يكون قرار الإنسحاب من سوريا اليوم بمثابة تجرع الكأس المرّ بالنسبة للحزب وجمهوره، لكنه يبقى أقل مرارةً من كأس البقاء في سوريا حتى (النصر أو الشهادة)".
وفي صحف اليوم نقرأ أيضاً: كتب خطار أبو دياب "كيري - لافروف والشهور الصعبة في النزاع السوري".