في واحدةٍ من جلسات هيئته العامة التي انعقدت، أخيراً، في إسطنبول، وسط ملابسات وتجاذبات متنوعة، بعضها سوري وبعضها الآخر إقليمي، قال أحد من درجوا على المطالبة باحترام ما يسمى “القرار الوطني المستقل”، إن هذا القرار ليس أكثر من شعار يجب التخلي عنه. وأثار القول استغراب من عرفوا في صاحبه أحد المدافعين الدائمين عن هذا القرار، والمتمسكّين به، الذين خاضوا معارك حقيقية من أجل امتلاكه وممارسته. فهل كان سبب التغير في موقفه ما بينته الأيام من ضمور هذا القرار وتلاشيه، أم يرجع إلى ما ترتّب على هذا القرار من عجزٍ لطالما افترض أنه نقيضه الذي جعله يبدو مثلوماً ومعدوماً، وبالتالي، شعارياً وغير واقعي، أم أن السبب يعود إلى حجم التدخلات العربية والإقليمية في الشأن السوري، وما حتّمته من تبعية هذا القرار لها التي قوّضت فرص استعادته أو استقلاله، بما أنتجته هذه العوامل، منفردةً ومجتمعةً، من نظرة سلبية إلى القرار الوطني السوري المستقل، دفعت أحد المدافعين عنه إلى مطالبة زملائه بالكف عن التمسك به، أو السعي إلى امتلاكه، بحجة أنه ليس غير شعارٍ يفتقر إلى أسس عملية، ووظائف حقيقية، يمكن أن تبدل الواقع أو تؤثر فيه. لذلك، ليس من الخسران في شيء التنازل عنه، ما دمنا لا نملك، نحن السوريين، من أمرنا شيئاً، أو ما دامت قضيتنا بين “أيد أمينة”، يغنينا دورها عن شعاراتٍ لا نفع منها توهمنا بأن لدينا القدرة على امتلاك قرار وطني سوري مستقل.
تؤمن قطاعات واسعة جداً من السوريين بأننا فقدنا، بعد بداية الثورة بفترة قصيرة، قرارنا الوطني، ما يعود إلى تدخلٍّ خارجيٍّ مكثف، استدعاه النظام الأسدي للقتال ضد شعبنا واحتلال بلادنا، أدخل إلى وطننا مقابلاً خارجياً مضاداً، فكان من الطبيعي أن تضفي التدخلات طابعاً إقليمياً ودولياً على الثورة، وأنْ تفقدها شيئاً فشيئاً طابعها المحلي، وتحولها إلى صراع قوى أضعفت، ثم قوّضت، أوراق السوريين جميعها، واحدة بعد أخرى، وضيعت بالنتيجة قرار الثورة الوطني المستقل، أو قلّصته إلى حدٍّ صار معه غير منظور أو مؤثر. وبالتالي، مجرد كلمات نكرّر المطالبة بمضمونها، بحكم عادةٍ قديمةٍ فات زمانها، نتوهم أنه كان عندنا قرار وطني مستقل، على الرغم من أنه كان نسبياً، وبالتالي غير مستقل بالضرورة، أو بصورةٍ جدية.
وفي صحف اليوم أيضاً: كتب المحلل الإسرائيلي “تسفي برئيل” في صحيفة “هآرتس” الخطة الروسية لتقسيم سوريا، وكتب جايمس ستافريدس فورين بوليسي: حان الوقت للتفكير جدياً بتقسيم سوريا، وكتب رضوان السيد في الشرق الاوسط مواجهة الاستضعاف ومواجهة الاستنزاف.