كتب عمر قدور.. "الإخوان" والوطنية السورية

كتب عمر قدور.. "الإخوان" والوطنية السورية

وسط الفرحة العارمة التي رافقت عودة المظاهرات السورية يوم الجمعة الفائت، كتب أحد السوريين على صفحته في فايسبوك ممازحاً: متى تعود جمعة "من جهز غازياً فقد غزا"؟ ومن المعلوم أن هذه التسمية كانت قد أطلقتها صفحة "الثورة السورية ضد بشار الأسد" على الجمعة الأولى من نيسان 2012، ورافقها حينذاك جدل كبير واعتراضات من قبل ناشطين سوريين على استخدام الحديث النبوي وجعله عنواناً ليوم التظاهرات المعتادة. معلوم أيضاً أن الحديث ينصّ في الأصل على: من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا. مثلما هو معلوم قرب الصفحة المذكورة من الإخوان المسلمين، على رغم نفي القائمين عليها وجود ارتباط مباشر بالتنظيم.

لدى الحديث عن إسلاميي سوريا لا يظهر الإخوان في الواجهة، بخلاف الدور الذي يُشار إليه في الجلسات الخاصة لأعضاء في الائتلاف أو أعضاء في المجلس الوطني. ومما يساعد على عدم الالتفات إلى دور الإخوان غلبة المستوى العسكري على السياسي، وعدم شفافية علاقة الإخوان ببعض الفصائل المسلحة على الأرض، بخاصة مع وجود عدد لا يُستهان به من الفصائل الإسلامية التي يتأرجح خطابها المباشر بحسب التطورات السياسية.

كان الحديث عن هيمنة الإخوان قد بدأ منذ تجربة المجلس الوطني، حتى عُدّ إنشاء الائتلاف لاحقاً هروباً من تلك السطوة بناء على توجهات دولية وإقليمية. بيت القصيد أن السطوة المزعومة للإخوان على المجلس كان من شأنها دفعه إلى تبني المستوى العسكري في وقت مبكر، ولو حدث ذلك لربما أخذت العسكرة مساراً مغايراً ولم تصبح منفصلة تماماً عن المستوى السياسي، وربما اضطر العديد من الجهات الداعمة إلى المرور بمستوى سياسي جامع، بدل السماح لكل جهة بالاستثمار وفق أجنداتها السياسية الخاصة.

على أية حال، لا تبتغي الانتقادات السابقة التشكيك بشجاعة أولئك المقاتلين في ظروف شديدة السوء، ولا التشكيك في وطنية مقاتلين لم يكن لهم يد في اتخاذ هذا المسار، أو لم يكن لهم مطلق الحرية في اختيار الراية التي يقاتلون تحتها. أما الحديث عن وطنية المستوى السياسي والقيادي فأمر آخر، والتشكيك هنا لا ينطلق من منبع أخلاقي بل سياسي، هو يأتي من الأيديولوجيا التي يعتنقها التنظيم، ومن كونها أيديولوجيا فوق وطنية، وتحت وطنية في آن؟، على غرار تجارب الأحزاب القومية والشيوعية البائدة.

في الواقع، كان سلوك الجماعة في ما تلى إصدار ميثاق العهد لا ينسجم إطلاقاً معه، وبدا أنها تراجعت عن تناول كأس الوطنية السورية "المر" لصالح أسلمة أتت بالكوارث على الثورة. وأن يتقدم الإسلاميون مرة أخرى لتسلم رئاسة الائتلاف، من دون أن ننتقص من شخص الرئيس العتيد أو كفاءته، فهذا ليس مما يتناسب مع مجمل الظروف الدولية المحيطة بالقضية السورية، مثلما لن يكون مناسباً اختيار واجهة شكلية غير إسلامية. المطلوب هو الاستفادة من الدروس السابقة، لا الظن بأن لحظة قطافها قد حانت.

وفي صحف اليوم أيضاً: كتب جورج سمعان في صحيفة الحياة الخوف على أوروبا يجمد الصراع في سوريا.

 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق