بدأت الهدنة شبه الهشَّة في سوريا وبدأ معها طرح السيناريوهات المستقبلية لما بعد فترة الهدنة التي وقتت بأسبوعين والجهة الوحيدة التي سمح بإطلاق النار عليها رغم تلك الهدنة «داعش» و«النصرة» فقط لا غير وهو استثناء وجيه ولكن بحاجة إلى تحقق ميداني، في حين تنتشر الأخبار عن استمرار ضرب المعارضة المعتدلة أيضاً!
ومنذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011 مع انطلاق موجات ما سُمِّي «الربيع العربي» التي أغرقت العرب في دوامة لم يخرجوا منها حتى الساعة ظل تفاقم المعاناة السورية في تصاعد متواصل من دون سقف قريب.
وفي الشهور الأولى للأزمة الحقيقية كان المعوّل على النظام الحاكم أولاً بأن يرضخ قليلاً لمطالب الشعب السوري في العيش الكريم، إلا أن النظام المتصلِّب لم يقبل باستخدام القوى الناعمة ولجأ بلا أدنى تفكير أو حسن تدبير إلى الرصاص والنار. فطال بذلك الإجراء التعسفي أمد الأزمة حتى وصلت إلى مرحلة الحرب الأهلية التي يراد من العالم أجمع وقفها بأي ثمن إلا ثمن عودة إنسان سوريا إلى وضعه الطبيعي!
وعندما اشتد أوار الحرب الدامية، المستنزفة لكل أطراف الصراع كان الرهان على خروج الأسد تماماً من المعادلة السورية الخاسرة، فكان ذلك بالنسبة له عاشر المستحيلات، ولو كان الثمن التضحية بكل الشعب والوطن بجميع ما فيه من مكتسبات تاريخية وحضارية، سابقة حتى على «البعث»، لا ينكرها إلا جاحد أو حاقد، وأقلها وحدة الوطن السوري نفسه واستمرار لحمته.
وبدأ الحديث يسري تباعاً حول احتمالية لجوء الأسد إلى موسكو أو طهران، ولكن الواقع كان يتحدث عن بقائه ولو في زاوية «اللاذقية» الحادة في دولة علوية خالصة من دون الآخرين. ومن الطبيعي ألا تتحقق هذه الأمنية السياسية القاصرة إلا بعد أن تهدأ الأوضاع نسبياً، وإلا كيف السبيل إلى ترسية دعائم دولة علوية جديدة في ظل حرب طائفية بكل ما تحمل من حمولات بغيضة.
وفي صحف اليوم أيضاً: كتبت سماح هدايا في ترك برس "الربيع فصل دم باهظ الاثمان"، وكتبت ميدل ايست "هل نفدت الخيارات أمام تركيا في سوريا؟"، ومن الهافينغتون بوست عربي نقرأ: "الهدنة في يومها السادس ورغم هشاشتها ماذا أحدثت في حياة للسوريين؟".