اعتبر أوروبيون كثيرون أمواج الهجرة المتلاحقة التي تدفقت على وسط أوروبا وغربها ضرباً من الاختراق ، كسر حواجز قديمة طبيعية ومصطنعة أقامتها علاقات مضطربة، وأحكام مسبقة، وخلافات دينية ومذهبية، وحروب متنوعة، وحملات استعمار ومقاومة، وتواريخ تجاوزتها بغتة جموع تدفقت على البر الأوروبي من الخارج، تنتمي إلى ثقافات وأديان وأعراق وتقاليد مختلفة عن ثقافتها وأديانها وأعراقها، أثار حضورها ذكريات قديمة، سلبية في معظمها لدى قطاعات من الرأي العام، قابلتها ردود أفعال إنسانية النزعة، رحبت بالمختلف والغريب، المبتلى بظلمٍ لا يحتمل في وطنه، هدد وجوده، وقضى بلا رحمة على أعداد كبيرة منه.
رأى الأميركيون في الهجرة الكثيفة إلى أوروبا التي ضمت أعداداً كبيرة من مسلمي البلدان العربية والشرق الأوسط حدثاً يثير القلق، ويمكن أن يهز الأمن الأوروبي، ليس فقط بسبب صعوبة استيعاب قادمين من مجتمعات محتربة ومتخلفة في مجتمعاتٍ يغلب عليها الاستقرار والتقدم، وإنما كذلك بسبب الخوف من تسلل عناصر إرهابية إلى القارة العجوز، لم تدخل إليها طلباً للجوء، بل لتنفذ عمليات عسكرية كالتي وقعت في باريس، وسقط فيها قرابة خمسمائة قتيل وجريح، وتسببت في أزمة داخلية، تتصل بفاعلية المجتمع الديمقراطي، ومقتضيات هويته المسيحية، وبما إذا كان عليه حقاً استيعاب غرباء، وإن كان لا ذنب له في محنتهم، إذا كان من المحتمل أن يكون مئات الإرهابيين قد اندسوا فيه، وجعلوهم حاضنة مخاطر عديدة، حتى إن كانوا أبرياء وضحايا للإرهاب.
وتتابعون أيضاً: فذلكة مصطلحات أم مصير شعب؟، الفايننشال تايمز: "على أردوغان أن يخضع سياسته حيال سوريا لحسابات الواقع".