اختلف الحاضرون لمؤتمر ميونيخ بشأن وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه كيري ولافروف. فقد كان هناك من قال – وفي طليعتهم الأوروبيون – إنه خطوةٌ في الطريق الصحيح، وهو يُحدث انفراجات في الملفّ الإنساني، وقد يمهِّدُ لمؤتمر «جنيف 3» الذي يمكن أن يحقّق شيئًا أو أشياء في مجال الحلّ السياسي. وبالطبع فإنّ الأتراك ما قبضوا شيئًا من ذلك، وظلُّوا يستغيثون بالأوروبيين ويهددونهم بأنّ ملف الهجرة شديد الخطورة عليهم وعلى الأوروبيين. قالوا لهم إن ما بين ستمائة ألف ومليون ونصف المليون سوري خلال أسبوعين يمكن أن يتجمعوا على الحدود التركية مع سوريا إن استمر القصف الروسي على حلب وريفها الشرقي. وبعد الأتراك تصاعدت شكاوى المعارضة السورية السياسية من الروس أولاً ومن الأميركيين ثانيًا. لكنْ في حين كانت تركيا تمتلك التهديد بانفجار ملفّ اللجوء في وجهها ووجه أوروبا والعالم، ما كان عند المعارضة السورية ما تُهدِّد به غير عدم حضور مؤتمر «جنيف 3»!
اثنان فقط من المعلِّقين على نتائج ميونيخ قالا منذ البداية إنّ الاتفاق لا شيء، أو أنه استسلامٌ من جانب الأميركيين للروس؛ الأول هو الزعيم اللبناني وليد جنبلاط، الذي شبّه اتفاق ميونيخ بشأن سوريا عام 2016 باتفاق تشمبرلين عام 1938 مع هتلر الذي كان يتجه لابتلاع تشيكوسلوفاكيا وبولنداأما الرجل الثاني الذي تشاءم باتفاق ميونيخ، فهو السيناتور الأميركي الجمهوري جون ماكين، وهو جنرالٌ في الأصل من أيام حرب فيتنام. ماكين خشي من وراء عدم إنفاذ الاتفاق خلال أسبوع أو أقلّ أن تسقط هيبة الولايات المتحدة، وهيبة حلف الأطلسي. ووجهة نظره أنّ بوتين يريد إذلال تركيا، وإسقاط الاتحاد الأوروبي إضافةً للأطلسي، فتعود سياسة القطبين السابقة في الحرب الباردة ولا شيء غير ذلك. وفي وكْد بوتين أن سياسات أوباما انسحابية تمامًا، ولذلك فإنّ الحصول على تنازلات في الشرق الأوسط سهل، وهو يقول إنه يريد الوصول إلى تنسيق مع الولايات المتحدة ضد الإرهاب من موقعه على الأرض السورية وليس من روسيا الاتحادية، بل وهو يرجو أن تتخلَّى الولايات المتحدة عن أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا بسببها، فينفرد بالأوروبيين الضعفاء من دون الولايات المتحدة، وقوة الأطلسي.
وفي جولة الصحافة أيضاً: كتب د. رياض نعسان آغا في صحيفة الاتحاد: "مقتل الحل السياسي"، وكتب راجح الخوري في صحيفة النهار: "بوتين يعادي خمس وعشرين دولة سنية".