ظلت الثورة التونسية، من بداياتها وحتى انتصارها، محكومة بعلاقات قوى وتوازنات داخلية حدّاها الرئيسان: النظام والشعب. وبقيت الثورة المصرية محكومةً، هي الأخرى، بالوضع الذي نشأ بعد قيامها بين نظام حسني مبارك.
في الحالة السورية التي تفوق، في منطوياتها ودلالاتها، ما عرفته الحالتان التونسية والمصرية، تبدو الثورة وكأنها لم تستهدف نظام الأسد وحده، بل استهدفت كذلك النظامين، الإيراني والروسي، اللذين سارعا إلى مواجهتها، وكأنهما قوتان داخليتان سوريتان، سيتعين مصيرهما بنتيجتها، وليستا قوتين أجنبيتين، تظلان، في جميع الأحوال، برانيتين بالنسبة إليها.
مع انهيار قوى النظام، لم يعد الخارج يسانده فحسب، بل صار الطرف الذي حمل أكثر فأكثر عبء الحرب ضد السوريين. حدث هذا أول مرة عام 2012، وأدى إلى غلبة دور إيران على دور الأسد في الحرب. وحدث ثانية نهاية عام 2015 ، واستوجب غزواً عسكرياً روسياً مباشراً وشاملاً لبلادنا، تهمش معه دور جيش النظام، وصار قريباً من الصفر. بينما عجز نمط التنظيم الفصائلي المتخلف الذي تتبناه قوات المقاومة عن مواجهة انهيار موازين القوى، وزادت من عجزه انقسامات هذه الفصائل، وتخلف سلاحها وقلته، بالمقارنة مع أسلحة أعدائها.
تتراجع، في وضعنا الراهن، فرص انتصار الثورة، وتمس حاجتها إلى استراتيجية واقعية، تحكم نضالها وخياراتها. لكن هذه الفرص ستتقدم، إذا ما توفر لها قدر من القوة، تستطيع به تحييد الخصم أو التفوق عليه.
تشهد سوريا صراعاً هو لحظة مفصلية في حياتنا ووجود دولنا، في ما يخص منطوياته الداخلية وأبعاده الخارجية. وككل لحظة مفصلية، سيكون ما بعدها مغايراً جذرياً لما قبلها. الويل للغافلين الذين يستهينون بمخاطر هذه اللحظة، أو يتعاملون معها بطرقٍ عفا عليها الزمن.
وفي جولة الصحافة لليوم أيضاً: عسى كلّ الأيام "فالنتاين داي" كتب عدنان حسين في المدى.