تناقلت الأخبار شبه الدقيقة، بعضاً من تفاصيل اجتماع وزير الخارجية جون كيري مع أعضاء في الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض لتوحيد المعارضة السورية والمخوّلة المشاركة في الجولة التفاوضية السورية / السورية المُزمع عقدها روسياً وأميركياً، وبغطاءٍ أممي لا حول له ولا قوة، في جنيف خلال هذا الأسبوع.
إن تأكّدت هذه التسريبات وتوثّقت، أو جرى نفيها لاحقاً، فهي لا يجب أن تصدم واعٍ، أو تُفاجئ كل ذي عقلٍ، أو تُحبِط أصحاب الفكر السياسي والسياسيين إن وجدوا. فعلى الرغم من "سذاجة" بعض المعارضين السوريين، والتي قادتهم إلى الظن يوماً بأن هناك موقف أميركي "إيجابي" بخصوص "حقوقهم الشرعية" في خضمّ المقتلة السورية، إلا أن البيت الأبيض بمستشاريه ورئيسه كانوا واضحين منذ اليوم الأول في تقديم استقالتهم الجماعية والعلنية من الهمّ السوري.
تعقد المفاوضات في جنيف قبل نهاية الشهر أو لا تعقد؟ هذا هو السؤال المطروح صحفياً ويومياً، وذلك بعد أن تم تأجيل موعد بداية الأسبوع إلى 29 من هذا الشهر والذي وربما سيتأجل أيضاً إلى موعدٍ لاحق. ولكن من الواضح والجليّ أن الإرادة "الأميركية ـ الروسية" هي في أن تُعقد "المباحثات" بمن حضر، من معارضة حقيقية أو مصطنعة أو مزيج ملائم، أو أن يُعاد تشكيل وفد المعارضة المخصص لها وبأن يضم حلفاء أميركا الجدد، والذين يتقاسمون ولاءهم مع روسيا المستمرة في القصف اليومي للمدنيين والتدمير المنهجي للبنى التحتية التي تعوّل روسيا على إعادة بنائها من خلال شراكات ذات مردودية عالية، في الفساد وفي الإفساد، مع النظام الداخل في طور الإنعاش "الإيجابي".
لقد اتهم هؤلاء طويلاً، وطوروا آليات شتم وتخوين، الثورة السورية وناشطيها وقياداتها على أنها مرتبطة بالمشروع "الإمبريالي" وبالمخطط الأميركي. وها هو هذا "المخطط" ينكشف وهذه "المؤامرة" تتوضّح بكونهما يسعيان إلى تنفيذ الحل الروسي / الايراني ونكران حقوق شعب بأكمله.
هل سيُعيد هؤلاء كلهم وسواهم قراءة الموقف الأميركي بأبعاده وتطوراته وحساباته وتحالفاته بنسبة أعلى من الوعي وذلك للوصول إلى استنتاجات لا تستطيع إلا أن تعيد النظر جدياً في حسابات من راهن، إيجاباً أو سلباً، على وجود مثل هذا الموقف "الداعم" للثورة السورية.
وفي جولة الصحافة لليوم أيضاً، نقرأ: كتب زهير قصيباتي في الحياة: «الفخ» في جنيف والصِّفر المكعَّب، وكتب عبد الباري عطوان "كم مرة سيكسر الجليد؟".