كتب الطيب تيزيني.. سوريا مَن الصديق ومن العدو؟

كتب الطيب تيزيني.. سوريا مَن الصديق ومن العدو؟
سوريا في المانشيت | 21 يناير 2016

تنهال على سوريا الضربات الماحقة تلو الضربات، وهي ما تزال تخاطب العالم المعاصر: هل عدت إلى مرحلة ما قبل الإنسان العاقل، ولماذا؟ هذا السؤال يرد في كثير من صفحات التاريخ الأسطوري، محاولة لفهم “طبائع الأمور”، فهل من هذه الطبائع أن يعمل رجال الموت على تفكيك سوريا، تصوروا، على تفكيك سوريا في أكثر معاقلها وجوانبها حباً للحياة وصُنعاً للتاريخ الحضاري؟ إنها تلك المعاقل والجوانب الكبيرة، التي اكتشفت معايير التمييز بين الإنسان والرئيس، نعني الأبجدية اللغوية الفعلية، التي سمّت هذا إنساناً وذاك وحشاً، وهذا مُعلّمًا وذاك قاتلاً، وتابعت محددة الأول بصانع للحضارة، والثاني خنزيراً يلوّثها في آفاقها البنّاءة المفتوحة على انتصارات الحياة.

وإذا كان الأمر كذلك، ألا يغدو السؤال التالي غير نافل بل وارداً، لماذا إذن يحدث في سوريا ما يحدث، ولا نزال لم نكتشف له بعد ضبطاً لغوياً دقيقاً؟ نقول ذلك، ونحن علمنا أن “الأبجدية” التي كانت من اكتشاف سوريا، هي التي تطرح السؤال نفسه ثانية: هل على سوريا الجريحة والمفككة المتصدعة أن تقوم هي نفسها باكتشاف أو بإبداع لغة جديدة تعبّر عنها ثانية، ولكن الآن من موقع مأساتها الكونية العظمى؟! ما يحدث راهناً في مدينة مضايا من وجود بشري بلا حياة، أولاً، ومن إخراج السجين من طراز جديد ميشيل سماحة اللبناني من سجنه، دون إكمال محكوميته ثانياً، لقد رأينا في مضايا ما لم يرهُ البشر قبلنا. ولا ندري، هل هذا من حظنا، كي نرى أحداثاً غير مسبوقة! والحق، إنه لأمر يفرّق الرضيع عن أمه، والموت عن الحياة، لقد كانت الهياكل يعجز المرء عن تحديد هويتها الوجودية، وضبط موقعها التاريخي البيولوجي والسوسيولوجي.

ولعل ما قاله مندوب فرنسا في الأمم المتحدة قبل ثلاثة أيام، يعبر عن كثير من الموقف الإجرامي والبربري الفظيع، تجاه سكان مضايا، قال المندوب: “إن سوريا تمثل أكبر تراجيديا في هذا القرن”، وهذا من شأنه أن يعني أننا اليوم وفي العالم الراهن نمثل شاهدي أكبر ما ندعوه تراجيديا وحشية فظيعة في وحشيتها ودناءتها. أما من طرفنا فنعلن إننا – في هذا – نمثل شهوداً على ما ينبغي البحث فيه علمياً بيولوجياً واجتماعياً وتاريخياً، ما قد يعني البحث في طبيعة “العقوبة” لتلك التراجيديا. وهذا بدوره إنما هو حثّ على القيام بمؤتمرات ولقاءات عالمية وعربية يُبحث فيها “الجديد” فيما نحن بصدده، إضافة إلى تأسيس مراكز بحوث في العالم العربي خصوصاً، ليرتقي الباحث العربي إلى مستوى الحدث المعني وإلي ما يندرج في حقله.

وفي جولة الصحافة لليوم أيضاً: كتب روي غوتمان "كيف تلاعبت الأمم المتحدة بآلام السوريين في مضايا؟"، وكتب بسام أبو عبدالله في صحيفة الوطن السورية "المعركة الدبلوماسية القادمة".

 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق