كتب ميشيل كيلو في صحيفة العربي الجديد: يسود الغموض بشأن هوية الحل السياسي في سوريا، والذي يعلن الجميع إيمانهم به، واعتقادهم بحتميته، بمن في ذلك الساعون إلى حل عسكري صرف، أمثال بشار الأسد وقادة إيران وبعض المسؤولين الروس.
يقول المتابعون إن هناك حلين محتملين للصراع السوري، عسكري وسياسي. وبما أنهما يُفهمان كحلين ينفي أحدهما الآخر، وبما أن الحل العسكري يتطلب انخراطاً مباشراً للقوى الدولية والإقليمية في القتال بعضها ضد بعض، وهو ما لا تسمح علاقاتها وأوضاعها به، فإن الحل العسكري لن يحقق مصالح الدول، وتحتم استحالته البحث عن حل سياسي، ينهي الصراع، ويطوي صفحته، على أن تتبناه جميع الأطراف، وتضع نفسها في خدمته، ولا تسمح للعمليات العسكرية بتقويض فرص نجاحه.
ومع أن هناك توافقاً تاماً على تصور للحل، ضمنته الدول الخمس الكبرى في وثيقة جنيف 1، وفي قرار دولي حول آليات تطبيقه رقمه 2118، فإن الحل السياسي صار إشكالياً إلى أبعد حد، لأن هناك من يعلن رغبته فيه، لكنه يفعل المستحيل لإفشاله، لاعتقاده أن انتصاره العسكري يعيد إنتاج نظامه وعلاقاته السابقة مع السوريات والسوريين، بينما يرغمه الحل السياسي على تقديم تنازلات والوصول إلى حلولٍ وسط تلبي، ولو جزئياً، في المرحلة الأولى، مطالب الثورة، وتفضي، في نهاية الأمور، إلى تغييره. لذلك، يرفض الحل، ويستخدم القوة، وصولاً إلى حل أمني/ عسكري، يجنبه الرضوخ لما طالب الشعب به في مظاهراته.
لماذا يصر الكبار على الحل السياسي خياراً وحيداً، يجب أن يترتب على حرب ضروس، تدور منذ أربعة أعوام في سوريا؟
الجواب: لأنه الوحيد الذي يتيح حلاً وسطاً، يحافظ على مكونات جوهرية في النظام، تطاول إدارته ورموزه ومؤسسته العسكرية/ الأمنية، وعلاقاته الأمنية المميزة مع إسرائيل، وطابعه الطائفي، وهويته نظاماً معادياً للديمقراطية وللإسلام السياسي، ودوره الرقابي والتدخلي/ العدواني في البلدان المجاورة وكامل إقليم الشرق الأوسط … إلخ. لو كان العالم الخارجي يريد للنظام الزوال، لوافق على حل عسكريٍّ، كان في متناول الثورة مرتين: واحدة قبل تدخل حزب الله عام 2012، والثانية قبل الغزو الروسي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.