كتب غازي دحمان.. حديث طائفي عن سوريا.. ولكن

كتب غازي دحمان.. حديث طائفي عن سوريا.. ولكن
سوريا في المانشيت | 20 ديسمبر 2015

يتحاشى الكتّاب وأصحاب الرأي تحليل الأحداث على أساس طائفي، لتخلّفه وعدم قدرته على إبراز المكون الحداثي في ثقاقتهم، ولأنه ينطوي على إشكالية منهجية تؤثر في نتائج التحليل، لارتكازه على التعميم، واعتباره الجماعات مغلقة على قيم وثقافة ورؤى سياسية واحدة. وبين قناعة ذاتية وإشكالية منهجية، يجري إلغاء معطيات وحقائق كثيرة، وإخراجها عنوةً من الحقل التحليلي، لتنتج تحليلاً مشوهاً، يزيد من تشويه الخريطة المعرفية للحدث. 

لكن الوقائع تفرض، أحياناً، استخدام أدوات هذا المنهج، لعدم وجود إمكانية لمقاربتها بغيرها، فإذا كان الواقع طائفياً بوسائله ونتائجه، يصبح من التضليل مقاربته بطرق مختلفة، وكثيراً ما يقع اللوم على التفسير الطائفي للأحداث، بذريعة أنه يتسبب في الانقسام، ويتم التغافل عن السلوك الطائفي الذي يصنع هذه الأحداث، وكأن الاستمرار في التعمية عنها هو السبيل للقضاء عليها. 

غالباً ما يجري، في سورية، الالتفاف على هذا الواقع وتجميله، بالقول إنّ الإشكالية تتمثّل بوجود نظام استبدادي لا يفرّق بين طرف وآخر، فهناك حلفاء سنة مع النظام، وحتى بين قوّاته، وبالتالي، لا تستهدف منظومته الحربية وأجهزته الأمنية الناس بصفتهم المذهبية، بقدر ما تستهدف المعارضين، بدليل أن ثمة معتقلين من كل أطياف المجتمع السوري. ولكن، نتيجة ثورة رفعت شعار المواطنة والحرية، جرى تدمير نسيج المكون السنّي بغالبيته، وجرى تصميم استراتيجيات المواجهة لهذه الثورة من أجل تحقيق هذا الغرض. ولفهم ذلك بشكل أعمق، يمكن التدقيق بمخرجات هذه الإستراتيجية التي تمظهرت، غالباً، بالحصار والتفريغ السكاني والمجازر الجماعية والاعتقال العشوائي والإخفاء القسري والاغتصاب والقصف العشوائي بالبراميل وقذائف المدفعية، حتى أبناء الأقليات الذين تم اعتقالهم، من نشطاء ومثقفين وسياسيين، كانت التّهم الموجّهة لهم: التعاون مع الإرهابيين "السنّة"، أو تقديم خدمات لوجستية لهم، أو إغاثتهم، أو تقوية موقفهم السياسي.

وتتابعون أيضاً: حسن عبد العظيم: رفضنا نصف مقاعد حكومة بشار الأسد، اللّعب بـ «الديموغرافيا السوريّة»، سوريا.. الحل والنفط!.

 

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق