كتب صالح القلاب في جريدة الشرق الأوسط: "عندما يعترف وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ويعلن بأن هناك انقسامات دولية «حادة» بشأن مستقبل بشار الأسد وبشأن الأزمة السورية، وعندما يقول مستشار الولي الفقيه الإيراني علي ولايتي إن إيران منعت سقوط الرئيس السوري ونظامه، وإن هذا الرئيس خط أحمر، ثم عندما تنقل روسيا خيرة جيشها وبصواريخ «إس 400» وطائرات «سوخوي 34» ودبابات «تي 90» وتباشر حربًا لا هوادة فيها تحت عنوان الإرهاب والقضاء على «داعش» وهي لم تستهدف إلَّا المعارضة السورية المعتدلة.. فماذا يعني هذا؟
ثم عندما يسود الارتباك في فرنسا والغرب كله، وفي مقدمته الولايات المتحدة، بعد ضربة «داعش» الإرهابية في باريس، وأيضًا في كاليفورنيا في أميركا وفي سيناء المصرية في شرم الشيخ، ويبدأ التراجع عن مواقف وقرارات سابقة عنوانها: «لا وجود لبشار الأسد في مستقبل سوريا»، وتحل محلها مواقف متأرجحة وضبابية ويهيمن عليها «التَّلعْثم»، فإن هذا يفهم وبكل وضوح ومن دون لبس وإبهام بأنَّ هناك تحولات جذرية وأن «الاشتراطات» السابقة لم تعد مطروحة ولا موجودة، وأن المرفوض غدا مقبول، وأن هذا الرئيس السوري، لا غيره، حسب هؤلاء باقٍ قبل وبعد «المرحلة الانتقالية».. هذه المرحلة التي قد يطويها الزمن وتبعثر شملها المستجدات وتصبح نسيًا منسيًا.
كان الإيرانيون والروس قد أصروا على أن الأولوية هي للقضاء على «داعش» وعلى الإرهاب، وليس لإزاحة بشار الأسد، والغريب أنه ما كاد صدى هذه التهديدات المبطنة يتلاشى حتى بدأ «تسونامي» الدماء والقتل والخراب والدمار يضرب في أربع رياح الكرة الأرضية، بدءًا بالطائرة الروسية في سماء سيناء وشرم الشيخ، وصولاً إلى كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية، مرورًا بتلك المجزرة البشرية المروعة في فرنسا وبارتداداتها الجانبية في عدد من الدول الأوروبية وغير الأوروبية.
وحقيقة أن كل هذا يعني أنَّ كل هؤلاء الذين غيروا مواقفهم وتسببوا في كل هذه الانقسامات الدولية، التي أشار إليها جون كيري آنفًا، إنْ بالنسبة إلى مصير الرئيس السوري، وإنْ بالنسبة إلى الحلول الأخرى المقترحة للأزمة السورية، قد خضعوا خضوع المرتبك والمصاب بالهلع والذعر لابتزاز روسيا وإيران وابتزاز رئيس نظام دمشق نفسه الذي كان قد قال، بينما كانت أصوات الانفجارات تهز أجمل أحياء العاصمة الفرنسية، إنه لا حلول سياسية وعلى الإطلاق قبل القضاء قضاءً نهائيًا على التنظيمات الإرهابية، وقبل أن يسيطر «الجيش العربي السوري» على كل الأراضي السورية".