يُفترض بنا عدم التوقف عند تسجيل جديد، يهين فيه أحد من قوات الأسد مدنياً مغلوباً على أمره، إذ يُفترض أن نكون قد اعتدنا على هذا النوع من التسجيلات، مثلما اعتدنا على أخبار المجازر اليومية. إذاً، ليس جديداً أو مدهشاً على الإطلاق تنكيل شبيح برجل وزوجته في التسجيل الجديد، بزعم ظهور الرجل الذي تجلل وجهه علامات البساطة الشديدة على قناة الجزيرة القطرية، وليس جديداً بالقدر ذاته أن تُجبر الزوجة على وصف زوجها بـالكُرّ «الجحش في العامية السورية»، وأن تُجبر هي وزوجها تحت الضرب على النهيق كما يفعل الجحش. طوال الدقائق الفائتة، سنرى اليد اليمنى التي تنهال بالسوط على الزوجين المقيّدين، حتى أُرغم الزوجان على النهيق، حينها تقدمت يد الجلاد اليسرى بكاميرا الهاتف النقال لتخلّد لحظة انتصاره ونشوته، اللحظة التي يُتوقع أن يزهو بها بين معارفه وأقربائه.
في الزاوية اليمنى من التسجيل، يظهر مراهق هو على الأرجح ابن للزوجين، يبدو مُكوّماً طوال الوقت بلا حراك وهو يرى ويسمع الإهانات الموجهة لذويه. قد نفترض، جرياً على عادة التحليل الدارج هذه الأيام، أنه سرعان ما سيحمل السلاح ويلتحق بأحد الفصائل المتطرفة. التحليل الذي كما نعلم لن يتوقف عند هذا الحد، فجانب من أصحابه سيرى في ذهاب الولد إلى التطرف سلوكاً منطقياً ومبرراً، وجانب آخر يرى فيه «انزلاقاً» إلى الفخ الذي صنعه الأسد لوضع الجميع أمام المفاضلة بينه وبين التطرف. ووفق وجهة النظر الأخيرة صنع هذه التسجيلات ونشرها مقصودان تماماً، ضمن خطة ذكية يعمل عليها النظام لصنع التطرف.
ومقالات أخرى، تتابعها معكم سلافة لبابيدي، ومنها: لماذا لا يهاجم "داعش" إيران؟، لراشد فايد في صحيفة النهار، جنازة الأخلاق، لصالح ملص، في موقع السوري الجديد.